الاثنين، 31 أكتوبر 2011

يا فراس بقنه .. فعلاً ملعوب علينا !



- الافلام القصيرة:


أن فراس بقنه و افلامه القصيرة هما انعكاس لتطلّعات الشباب لمجتمع افضل و هي محاولة جادة لتسليط الضوء على المشاكل الاجتماعية التي لم يستطع الاعلام الرسمي ان يعرضها للمتلقي ، بل حتى عنوان هذه السلسة من الافلام القصيرة هو عنواناً لاذعاً: "ملعوب علينا" ، اي يعني: اننا ضحية بروبجندا اعلاميّة و لن نرضى بستمرار الخداع و الاكاذيب من قبل المؤسسات الحكومية التي تحاول اقناعنا بأن الوطن هو رمز الامن و للآمان و الاستقرار الاجتماعي - و ان مشكلة الفقر و البطالة هي مشكلة مؤقتة او غير موجودة! و هذا الفلم لم يكن التحدي الاول من نوعه ، بل هناك عدد من الافلام القصيرة التي انتجها الشباب بتقنية عالية و افكار نقيضة للأعلام الرسمي الذي اصبح يتناقض مع الحقائق و التجارب اليوميّة للأغلبية الكادحة. و كانت الحلقة الرابعة من هذه السلسلة هي القشّة التي قصمت ظهر البعير و ادّت الى اعتقاله مع فريق العمل ، لأنه تحدّث عن الفقر و سلّط الاضواء على المناطق المهمشّة في الرياض ، و بدأ الحلقة بعبارة: "حنا بخير؟" ، و هي ردّ على تصريح الملك عبدالله بعد عودته من العلاج: "دام انكم بخير .. انا بخير" ، التي تحوّلت الى دعاية ملكيّة لتكريس ثقافة الأبوّه الوهميّة و تضليل الوعي العام ، و هنا تسائل فراس بقنه عن اوضاع الاغلبية من سكّان هذا المجتمع: هل نحن فعلا بخير؟؟ هل اهل الجرادية بخير؟؟؟ و كان ردهم واضحا فاضحاً لكلّ الجهات الرسميّة: "حنا مو بخير!" ، و تحدث فراس عن نقطة بالغة الاهميّة بأننا لسنا بلد مثل الصومال ، بل نحن السعودية ، و هنا يقصد بأننا نعيش في دولة تملك من الفائض ما يتجاوز الترليون ريال سعودي ، و هذا المعلن فقط ، و ان الميزانيّة السنوية المعلنة تتجاوز الـ 500 مليار ، مع ذلك يوجد 30% من افراد المجتمع تحت حدّ الفقر ، و 10% من عاطلين عن العمل ، و بقيّة الموظفين يعيشون بؤجور شحيحة الى درجة ان معدّل الرواتب هو اقلّ من 4 الالاف ريال فقط. كل هذه الحقائق ساهمت في خلق جيل جديد ، لم يعد مقتنعا بفكرة الانتظار الى اجل غير مسمى حتى يتم حلّ هذه القضايا الاجتماعية عبر الاعلام الرسمي و المسؤلين البيروقراطيين ، بل يريد الحقيقة بدون اي لفّ و دوران: "اي تذهب اموالنا؟" ، لماذا نعيش في ظل هذه الظروف البائسة فيما يعيش غيرنا في ظروف جيدة؟؟ لماذا هناك مناطق مهمّشة و مناطق اخرى تعيش في قمة الرقي و الحضارة؟؟ و كل هذه التساؤلات التي اصبحت حديث الكثير من الناس دفعت بفراس بقنه الى التجوّل الى الاحياء الفقيرة بالرياض و محاولة تصوير مظاهر الفقر عن طريق الالتقاء بالفقراء و التجوّل في مساكنهم الآيلة للسقوط و النظر في مخزونهم الغذائي و الحديث معهم عن احتياجاتهم و مشاكلهم ، و لخّص الحلول في العمل الخيري و التبرّع للفقراء من قبل المؤسسات الخيرية و عمل استطلاع لمعرفة احتياجاتهم كي يتم توفيرها لهم. 






- الحقائق الغير موجودة في الفلم:


أن الفلم نجح بكل جدارة في عرض احوال المهمشين و الفقراء الذين لهم الحقّ في ان يعيشوا حياة كريمة ، حياة بعيدة عن العوز و الجوع و الفقر. الا انه لم يعرض العلاقة المتباينة بين الفقراء و من يتسبب لهم في الفقر ، لأن الثروة لا يتم انتاجها من العدم ، بل ينتجها عمّال و موظفين صالحين لكنهم يعيشون في بيئة غير صالحة للمعيشة. لأن الانتاج في مجتمعنا اليوم لا يتمّ على اساس احتياجات الناس الذين هم في امس الحاجة للسكن و العمل و الغذاء و الرعاية الصحيّة ، بل يتم انتاج السلع و الخدمات بكل اصنافها على اساس الربح ، و يضطرّ التاجر للحفاظ على مستوى النمو في الارباح في ان يُبقي الأجور منخفضة كي يستطيع ان يواكب السوق الذي يتّسم بالتنافسيّة العشوائية و التي تؤدي الى ازمات اقتصادية متكررة. بينما مصدر رأس مال التاجر هو العمل ، و مصدر الربح هو العمل ايضاً ، لأن من دون العمل لا نستطيع ان نبني المساكن و لا المستشفيات و لا المدارس و لا الجامعات ، و التي كلها مؤسسات تعتاش على عملنا بعد ان يبيع العامل قوّة العمل للرأسمالي يصبح ضحيّة لكل الكوارث الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية. لذا اصبحت القرارات الملكيّة التي اتخذها الملك عبدالله بعد عودته من العلاج عن طريق صرف المليارات التي ذهبت الى مشاريع ضخمة لشركات المقاولات او دعم وزارة الداخليّة لتكريس الامن و الامان للملاك و المسؤلين و الامراء على حساب الفقراء و الكادحين. فيجب ان نتسائل: لماذا حنا مو بخير؟؟ لماذا هم فقط بخير ؟؟ كيف اصبحوا بخير؟؟ هم كذلك لأن النظام يكرّس الطبقية بوجودها المادي و الفكري ، و يتعامل مع الفقر كظاهرة طبيعية يستطيعون تقليصه عبر المؤسسات الخيرية ، الا ان ذلك ضرب من الخيال .. فهو مثل مجابهة نار تجتاح المدن بكأس نصفه فارغ و النصف الآخر تراب ، بينما هذه النار تحتاج الى تقنيات و اهواز ضخمة و هليكوبترات كي يتم القضاء عليها. أن المؤسسات الخيرية هي مجرّد ضمادات للجراح ، لكنها لا تمنع من حدوث الجرح ! فلو كانت هي الحلّ لتم القضاء على الفقر منذ زمن بعيد ، لانه حلّ بسيط و واضح ، بينما الحقيقة الغير معروضة و الغير قابلة للعرض هي كما قال برنادشو: "ان الاقتصاد هو اشبه بصلعتي  .. غزارة في الانتاج و سوأ في التوزيع!" ، لا يوجد حلّ من دون عدالة اجتماعية حقيقية و هي لا تأتي عبر مؤسسة خيرية ، بل يأتي عبر ثورة الفقراء ضد من يتسبب لهم في الفقر و التعاسة عن طريق الاضرابات العماليّة و الاحتجاجات ضد النظام و كل ذلك ليس غريبا على تاريخنا. فعلى سبيل المثال: مدينة الملك عبدالله المالية هي مدينة مجهّزة للبنوك ، في حين لا يوجد ادنى شحّ في البنوك و الشركات المالية التي اصبحت في كل شارع في الرياض. و البنوك و شركات المقاولات لا يستحقون الـ 100 مليار لتنفيذ هذه المشاريع في دولة يعيش فيها 6 مليون تحت حد الفقر و لا يملكون اصلا ارصدة بنكيّة. لكن لم تنتهي انتهاكات سلطة رأس المال عند هذا الحد ، بل ان عمال البناء هم من يبني هذه الابراج و هم ايضاً من يعمل بؤجور لا تصل الى الدولار الواحد لكل ساعة ، و يعيشون في ظروف قاهرة و تتأخر اجورهم بستمرار و يعيشون في مساكن ضيقة جدا ، لكنهم لم يقبلوا الاستمرار على نفس الروتين اليومي بل خاضوا صراعاً ضارياً ضد شركة بن لادن و تحولت الاضرابات الى مظاهرات و مواجهات مع رجال الأمن الذين لم يستطيعوا مواجهة الالاف من العمال. و اضطرت الشركة ان تصغي لهم ، و تحسّن ظروف المساكن و الأجور. و الاضرابات ليست حلاً لعمّال البناء و حسب ، بل ايضا حدث في العديد من القطاعات ، و منها قطاع الاتصالات و نجح الموظفين في تغيير الكثير من الظروف البائسة التي كانوا يعيشونها في ظل ارتفاع الاجور بنسبة 4% بينما التضخم يصل الى مستوى اعلى من الـ 10%.


أن مواجهة نُظم الاستغلال هو الحلّ ، و ليس عن طريق العمل الخيري. لأن الاضراب هو ليس فعل اقتصادي بحت ، بل يساهم في تطوير العامل و الموظف اقتصاديا و سياسيا. و يجعل السلطة تحت ضغط كبير عندما تتأثر قوة الانتاج و حينها يصبح القرار الاقتصادي و السياسي يثير تساؤلات العمّال نحو الحصول على سلطة ديمقراطية بيد الذين انتصروا على ارباب العمل و على اجهزة الدولة - و خصوصا الجهاز الامني الذي كان يشكل رعبا لكل من يطمح للوصول الى تغيير حقيقي. ايضاً يضعنا فراس بقنه نحو ضعف الاسلوب الفردي في التعامل مع المشاكل السياسية و الاقتصادية ، فيتم اعتقال الكتّاب و الفنانين بكل سهولة عندما يتحركون بطريقة فردية ، بينما الحركة الجماعيّة تُصبح اكثر قوة و فاعليّة في المطالبة بالحقوق.  






- لماذا تم اعتقال فراس بقنه:


في البداية كان سبب الاعتقال واضحاً ، لأن هذا الفلم يتعارض مع سياسة الدولة: "حنا بخير" ، بينما فراس بقنه يعرض سياسة مضادة: "حنا مو بخير!" ، و تم اعتبار هذا الفلم كنوع من الاستهزاء ضد التصريحات الملكيّة التي لا يُسمح لأي من كان بنقدها او التشكيك في مصداقيتها حتى و ان كانت غير صحيحة. لكن ظهرت بعض التصريحات من عدة مسؤلين بمحاولة لتلفيق تهمة لهم بأنهم على علاقة مع الفقيه و تم عرض المقطع في قناة الاصلاح. ولكن اين المشكلة في ان يُعرض في اي مكان؟ فربما نفس القناة عرضت مقاطع كثيرة حتى لتصريحات العديد من المسؤلين السعوديين بدون اذنهم هل هذا يضعهم في دائرة الاتهام؟! و لماذا لم يتم اعتقال بسمة آل سعود عندما ظهرت في قناة العالم التي تُعتبر قناة ايرانية معارضة لتوجهات الدولة؟؟ الاجابة واضحة .. ان الاجهزة الامنية هي ليست مسؤلة عن ملاحقة الامراء او كبار الشخصيات ، بل هي مسؤلة عن اعتقال الفقراء و الكادحين و بث الرعب في نفوسهم كي يخضعوا تحت سلطة النظام الملكي ، و ان فلم "ملعوب علينا" يضعنا امام الحدود الصارمة التي وضعتها الدولة في التعامل مع الاعلام سواء كان الكترونيا او رسمياً. و كيف نستغرب من سياسة الدولة و يتم ايقاف رسامين الكاركتيرات و تغريمهم بستمرار مثل المسيهيج و المزيني و الهمزاني ، فالسياسة التعسفيّة اتجاه حرية التعبير لازالت مستمرة اتجاه الفن و الفكر و الثقافة عموما ، و مع ذلك تحاول السلطة ان تقنعنا بأن هناك متسع من الحرية الا ان الايقاف و الاعتقال اصبح ظاهرة متكررة حتى في الصحافة الرسميّة امثال الرطيان و تركي الحمد و امل زاهد. أن سياسة الاعتقال و الحجب و الايقاف لن تولّد الا المزيد من الاحتقان الاجتماعي و ستؤدي الى لجوء الشباب الى وسائل اخرى ، خصوصا ان الثورات العربية جعلتنا نفكّر جديا في مستقبل هذا النظام الذي لا يلبي حتى ابسط احتياجات الناس مثل الغذاء و المسكن و العمل ، بل حتى الأمن اصبح غير موجوداً الا لحماية مصالح الاقليّة التي استحوذت على الموارد و القرار السياسي.






- الردّ على بعض الانتقادات التي تفتقر للموضوعيّة:
  
صرّح سعد الدريهم بأنتقادات غير موضوعيّة للفلم ، و وصفه بأنه "تصيّد و بُعد عن الواقعية". و يستند الدريهم في انتقاداته على ان تصوير المناطق الفقيرة هو نظرة فيها طابع التصيّد. بينما الحقيقة هي ان الجميع سأم من تصوير المناطق الثرية على وسائل الاعلام ، و الاحياء الفقيرة لم يرجع لها الملك من زيارته الاولى حين تسلّم مقاليد البلاد نظراً لأنها احياء مرعبة و غير مقبولة بل تعودنا على اكذوبة "بلد الأمن و الرخاء"! و لم يستمرّ الى هذا الحد ،بل استمر الكاتب في وصف هذا الفقر كظاهرة مفتعلة و ليس فقرا حقيقياً ، بينما بأمكانه ان يزور تلك الاحياء الفقيرة و يتأكد بنفسه ، و كما قال فراس بقنه: "لا تبعد هذه الاحياء اكثر من 5 كيلو متر عن وسط العاصمة" ، فلن يجد صعوبة في الوصول اليها. و بعدها حاول ان يتعامل سعد الدريهم مع الفقر كظاهرة طبيعية تحدث في كل مكان ، و في نفس الوقت قال ان الفقراء لا يشكّلون اكثر من 2 % ، و هذا يتناقض حتى مع الاحصائيات الرسمية التي تشير ان الفقر هو بين الـ 20 الى 30% ، و لا يمكن ان نتعامل مع الفقر كظاهرة طبيعيّة لسبب بسيط و مختصر: ان الفقر اليوم هو الاول من نوعه .. لأن لأول مرة يجوع الانسان في مجتمع فيه فائض من الانتاج الغذائي و فائض من الاسكان - خصوصا القصور و البيوت المهجورة ، و فائض من المستشفيات و الجامعات الخاصة. و بعدها يلوم الدريهم احد شخصيات فلم فراس بقنه لأنه متزوّج اكثر من زوجة و هو فقير - مع اني ضد تعدد الزوجات - الا ان هناك امراء من العائلة المالكة تزوجوا اكثر من 17 مرة و كل ذلك على حساب ميزانية الدولة ، بينما يتم لوم هذا الرجل على فعلته النكراء و الاثرياء مرفوع عنهم القلم. بعد قراءة بعض الانتقادات ذات الطابع الحكومي ، ضحكت و قلت كلمة فراس بقنه: فعلاً .. ملعوب علينا!!






- الخلاصة:


لقد تلقينا خبر الافراج عن الزميل فراس بقنه ببهجة و سرور ، لكن يجب ان لا ننسى بأن فراس لم يرجع من نزهة بل رجع من المعتقل ، و يجب ايضا ان لا ننسى بأن هذا النظام يعتاش على الفقراء و يعتاش على العنصرية و يعتاش على الاستغلال و الاضطهاد و الطائفيّة ، أن هذا النظام لم يولّد الا الخراب و الدمار للأغلبية المنتجة في مجتمعنا .. حتى حقبة الازدهار الاقتصادي كانت ايضا حقبة فقر و عوز و جوع للطبقة الكادحة. و يجب ايضا ان نتذكّر جيداً بأن هذا الفلم يكشف لنا الحرية الوهمية التي يتحدث عنها وزير الاعلام ، و يكشف لنا الفلم ايضا: حقائق عن الفقر المدقع في دولة تحظى بفائض ضخم من الموارد و الثروات.  لذا يجب ان نتذكّر اهل الجرادية ، و يجب ان نساعدهم و نتصدّق عليهم على حسب امكانياتنا المحدودة التي لا تُقارن بأمكانية الدولة التي تستحوذ على موارد و ثروات الاغلبية. لكن كما اسلفنا ، الحلّ ليس بيد الجمعيات الخيرية او القيام بأعمال من المفترض ان تكون مسؤلية الدولة ، بل ان الحلّ هو بيد الفقراء الكادحين الذين غيروا العالم العربي و اسقطوا الدكتاتوريات و طالبوا بالعدالة الاجتماعية في كل مكان. في ظل تناقض المصالح بين الطبقة الكادحة و الطبقة الحاكمة ، لن نستطيع ان نستمرّ في الانتظار الازلي ، بل ان هذه الحقائق تستوجب منّا الاحتجاج ضد النظام و التحرّك نحو عالم افضل و ممكن!


  

اعتصام موظفي مستشفى التخصصي






"بعد إجتماع معالي المشرف العام التنفيذي د عثمان القصبي مع موظفي التخصصي للإجابة عن تسأولاتهم. قام الدكتور الضلعان بالخروج من القاعة إحتجاجا على الإهانات المتضمنه داخل القرار، الخاص بتوحيد رواتب ممارسي الصحة. القرار صدر من مجلس الوزراء بصيغة غير واضحة لمن يعملون في مستشفيات التشغيل الذاتي كالتخصصي والحرس وقوى الأمن. تم تطبيق القرار بحيث يتم توقف زيادات رواتب الممارسين الصحيين في مستشفيات التشغيل الذاتي لمدة تتناسب مع مثلاهم في وزارة الصحة. فجميع الممارسين الصحيين تضرروا من تطبيقه بهذا الشكل المجحف والذي لم يأخذ في الإعتبار الفوارق البيئية" المستشفى وقدرته الاستعابية والتشغيلية" والإدارية والمهنية والفردية. تم فتح هاش تاق في تويتر بأسم #Kfshdisaster واخر بعنوان #KFSHRC لبث شكواهم على الرأي العام، احتوى في يوم الاثنين والثلاثاء على نقد وتظلم وتهجم اتخذ بعضها طابع شخصي وللأسف. حتى قام احد الموظفين بالدعوة للإضراب في يوم الأربعاء. وتم تفاعل كثير من الموظفين مع هذه الدعوة وتم توضيح اماكن التجمع ومدة الإضراب وأخذ في الإعتبار عدم الإضرار بالمرضى بحيث حصرت مدة الإضراب في ساعتين بداية من الساعة التاسعة صباحا وحتى الحادية عشر. وتم تخفيضها لاحقا لمدة ساعة ونصف.

تم تغير اماكن الإضراب في الصباح الباكر، لتكون في مكان واحد ومحدد، يتمتع بعدة مميزات منها  استيعابه لعدد كبير من الموظفين المضربين، وكذلك قربه من المداخل الرئيسية. بدأت الساعة التاسعة بحضور الموظفين المضربين وتجمهرهم في المكان. و يبدو على رجال الأمن انهم على إطلاع بتداعيات الأحداث حيث شوهد عدد أكثر من المعتاد يقفون على الأبواب.

قام احد الموظفين بالقاء كلمة من على الدرج المطل على الساحة يشرح فيها أسباب الإجتماع والجوانب السلبية للقرار. حتى هاجمه رجال الأمن محاولين اسكاته وإنزاله وسعى بعضهم لمصادرة جهازه الجوال منه. وعلت اصوات الموظفين المتجمعين مطالبين بتركه ليكمل حديثه، وتدخل بعضهم لفض النزاع. وأكمل الموظف حديثه موجه رسالة للمسئولين بضرورة إلغاء القرار أو وقف تنفيذه لما يتضمنه من:
- خرق لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يحفظه الله الموصية بضرورة دعم المواطن السعودي وتسخير الإمكانيات له ليعيش حياة كريمة.
-ظلم بحق موظفي المستشفى التخصصي والمستشفيات التابعة مستقبلا.بحيث لم يتم توخي العدل في تطبيقه حيث اقتصر على السعوديين العاملين في المستشفى التخصصي دون بقية الموظفين الغير سعوديين.
-عدم مراعاة للفوارق الفردية والكفاءات التعليمية بين الممارسين الصحيين في التخصصي ومثلاهم في الصحة.
"-لم يراعي القرار مسألة المحفزات الدافعة للعمل وأهمها الزيادة السنوية.

احد موظفي مستشفى التخصصي

من يعاقب المجرمين الحقيقيين؟!


فيلم مونوبولي Monopoly Short Film







ان الفلم يحكي عن معاناة الطبقة الكادحة في السعودية ، و كيف ان قضية الاسكان و الحصول على ارض هي مسألة تعجيزيّة للأغلبية الساحقة من الشباب و الفقراء و العمال. هذا الفلم هو من الافلام النادرة التي تطالب بأيجاد حل و ليس مجرد عرض للمشكلة في قالب كوميديا سوداء ، لكن كما قال عصام الزامل: معدل الرواتب لا يتجاوز الـ 3,300 ريال للموظف في القطاع الخاص ، كيف لهذا الموظف ان يشتري ارض او ان يشتري منزل ملك. بل ان الملكيّة الخاصة هي لا تحفّز على الامتلاك بشكل عام ، بل ان من يملكون الارض و المال هم الاقليّة التي تسيطر على موارد و اراضي و مساكن الاغلبية. هناك 18 مليون متر مربّع من الاراضي المهجورة تماما في الرياض فقط ، من يملك هذه الاراضي؟! بلا شك ان من يملكها هم افراد من العائلة المالكة و التجّار الاثرياء الذين هم انفسهم من دعم حرية التجارة و هم ايضا من طالب بخصخصة مشاريع الاسكان. ان هناك ترابط بين التطوير و بين المضاربة و الاحتكار ، ان الاراضي ترتفع اسعارها ليس فقط لانها نتيجة مضاربة بالاسعار ، بل يزداد الطلب من قبل المطورين و يصبح التداول التجاري تحت مبدأ الجشع و الحصول على الربح و تهميش الحاجة الماسّة للسلع و الاراضي و الاسكان. ان ارتفاع اسعار الاراضي حتى لو كان رمزيا كما يزعم الزامل (بقيمة 20% سنويا) فهو له اثار مدمرة للكادحين الذين ترتفع اجورهم بمعدّل 4% سنويا. اذاً يجب ان ترتفع الاجور ، لكن حتى اذا ارتفعت الاجور ، ستكون الفرصة ذهبية للتجّار الجشعين في رفع اسعار الاراضي و المساكن بسبب زيادة القوة الشرائية التي تتيح للتاجر بأن يرفع من القيمة. ان الارض و المسكن ليس استثناء ، بل ان كل السلع الاساسية و الثانوية في ازدياد اكبر بكثير من ارتفاع الاجور ، و يجب علينا ان نطالب بتغيير الاقتصاد جذريا ، لان هذا الاقتصاد ينتج السلع للربح فقط و لا يضع في الحسبان الحاجة الانيّة للناس و متطلباتهم. فنجد الناس الذين يبنون القصور يعودون الى مساكنهم التي هي عبارة عن عشش ، الحلّ لن يكون بمجرد فرض الضرائب على الاراضي البيضاء ، لابد ان نفهم علاقة ملّاك الاراضي بالسلطة السياسية التي تدافع عن مصالح الملاك على حساب الطبقة الكادحة.

السبت، 22 أكتوبر 2011

المسألة الطائفيّة


أن السجون السياسية المؤبدة من دون محاكمة اصبحت متكررة في الآونة الاخيرة ، و عانى منها الشعب السعودي عامة ، و الطائفة الشيعة خصوصاً. و بدأت الدولة تروّج شائعاتها المعهودة مثل اتهامهم على وسائل الاعلام بأنهم "ينتمون الى دولة خارجية" ، و لكن كما اسلفنا في مقالات سابقة ، أن الدولة التي تمتلك وسائل الانتاج هي ايضا تمتلك وسائل الاعلام و تمتلك الجامعات و تمتلك المؤسسات و تمتلك الاجهزة الامنيّة و تمتلك القضاء و القانون الجنائي ، و تحاول الدولة ان تهيمن على الوعي العام الذي يتناقض مع التجربة الحقيقية لدى الطبقة الكادحة التي ذاقت الذلّ و الهوان. لكن يجب علينا ان نرد على هذه الشائعات و الاكاذيب ، حيث لا يمكننا ان نصف طائفة بأكملها بالعمالة لدى دولة اجنبيّة ، فالاحياء الفقيرة في القطيف و الاحساء لا تتلقى دعماً لا من الدولة الايرانية و لا من الدولة السعوديّة. بل ان هذا النظام هو سبباً رئيسياً في الفقر و الهلاك و الظلم و الاضطهاد للملايين من ابناء الطبقة الكادحة على مختلف انتمائاتها و طوائفها. فعندما نتحدث عن الشيعة نحن لا نتحدّث عن شيئاً واحداً ، فالخداع و الكذب الحكومي يحتاج الى النقد و المواجهة. فليس كل الشيعة مضطهدين ، انما الغالبية من الشيعة هم مضطهدين و مستغلين لدى الاقليّة المستحوذة على الثروات و الموارد. انا هنا اعني الفقراء و العمال و الموظفين – عبيد الاجور ، المستغلين من قرب منابع النفط ، و مع ذلك .. نحن الاغلبيّة نعيش في حالة غير صالحة للمعيشة ، بينما الاقليّة تتحكّم بموارد البلاد و ثرواته. اما الشيعة البرجوازيين و الارستقراطيين الذين يملكون امتيازات و علاقات خاصة مع العائلة المالكة .. هؤلاء لا يخدمون حركة التحرر بل انهم يساهمون في تأجيل الثورة و الاستفادة من الاجور الرخيصة لدى ابناء طائفتهم ، و ايضاً يسيسون العلماء لخدمة مصالحهم التي تتناقض مع مصالح الكادحين في الثورة على نُظمْ الاستغلال و اليّات الاستبداد. أن العنصرية سواء كانت ضد الطائفة او ضد الجنس الآخر او ضد العرق المختلف ، هي من نتاج هذا النظام الرأسمالي الذي يفرّق العمّال و الموظفين و يختلق خرافات نمطيّة لدى كل فئة من العمّال لتشتيت أي جهود نحو الاتحاد و العمل المباشر لمواجهة الطبقة التي تستغلهم و تضطهدهم – لذا يتم اختلاق صراعا ضاريا بين الطائفة السنيّة و الشيعية – بينما في الحقيقة لا يوجد علاقة استغلالية بين الفقراء السنة للفقراء الشيعة ، انما العلاقة الاستغلالية المستبدّة هي بين الطبقة الحاكمة و بين الطبقة الكادحة بمختلف طوائفها. و هذا ما يجعل العمّال الشيعة في منافسة دائمة مع اخوانهم السنة – و ايضا منافسة فيما بينهم: للحصول على الاسكان و الحصول على العمل و الحصول ايضا على الرعاية الصحيّة و التعليم و الاحتياجات الاساسية، و لن نتمكّن من الخروج من هذه الفوضى المادية و الاجتماعية الا بأتحاد ابناء الطبقة الكادحة سنة و شيعة و عرب و اجانب لمواجهة هذا النظام الفاسد. و هذا ليس امراً مستحيلا كما يبدوا في ظاهره ، و ليس ابتكاراً جديداً غريبا على التاريخ ، انما نحن نستند على تجربة تاريخية من ذاكرة الصراع من اجل الحرية الحقيقية و لا نحاول ان نختلق حلولا غريبة على الطبقة الكادحة ، بل نحاول ان نتعلّم من تجربة الكادحين في مواجهة النظام عبر التاريخ و نستفيد من هذه التجربة في التعاطي مع الواقع و المستقبل. أن تجربة المناضل ناصر السعيد و رفاقه السنة و الشيعة و الفلسطينيين و الاجانب على مختلف انتمائاتهم هي تجربة تاريخية فريدة ، و لها دلالات واضحة ، حيث ان تجربة اضرابات و احتجاجات حقبة الاربعينات و الخمسينات تبرهن بكل وضوح ان بأمكان الكادحين و العمّال ان يحصلوا على حقوقهم عبر الحركة الجماهيرية ، لأن بأمكان الاجهزة الامنيّة ان تعتقل أي شخص معارض لكن لن تستطيع اعتقال مئات الالاف المنظّمين عبر الحركة العمّالية. و تعلّمنا ايضاً .. ان التكاتف بين ابناء الطوائف المختلفة ليس امراً غريباً ، بل هو امراً مهماً ، بعكس الخرافات و الاكاذيب التي تبثّها السلطة بخصوص الخلافات العقائدية التي تفرّقنا عن الهدف الرئيسي. أن الاشكاليّة الطائفيّة ليست أشكالية دينية ، بل هي أشكالية اجتماعية و سياسية لن تنتهي الا مع انهاء هذه الدولة الطائفية و استبدالها بدولة لا تقوم على اساس طائفي و لا على اساس طبقي ، بل دولة تمثّل ديمقراطية الكادحين – فيها يتم اتخاذ القرارات بشكل جماعي و ليس عن طريق ترشيح اشخاص لا يمثّلون الكادحين كما هو الحال في الانتخابات الغربية ، و ليس ايضاً عن طريق مجالس معدومة الصلاحيّات مثل المجلس البلدي و مجلس الشورى في السعودية. و لكن هذا لا يعني أننا لا نطالب بالحريّة الدينيّة في ان يمارس كل اصحاب الطوائف و الاديان المختلفة عباداتهم و طقوسهم الدينية. و ايضاً لهم الاحقيّة في ان يُسمح لهم بالمجالس و الندوات الدينيّة من دون تصاريح تعجيزيّة او مراقبة صارمة من قبل الاجهزة الامنيّة ، و ايضاً من حقّ الشيعة ان تبنى لهم الدولة مساجد و حسينيّات كما تتولى الدولة بناء المساجد السنيّة ، لأنهم جزء من هذا المجتمع ، فنحن نؤمن بأن الطائفيّة ليست مجرد أزمة تعايش بين الطوائف المختلفة ، بل هي نتاج الدولة الطائفيّة التي تتحمّل المسؤلية خلف هذه الازمة الاجتماعية لأنها هي المسؤلة عن القانون الطائفي و هي المسؤلة عن الاعلام الطائفي و هي ايضا مسؤلة عن الاجهزة الامنية التي تعتقل المواطنين و تحقق معهم و تمنعهم من السفر على اساس طائفي ، لذلك .. أن التخلّص من الطائفيّة لن يتم الا بالتخلص من النظام الذي ينتج الطائفية و ينتج معها الفقر و الظلم و الاضطهاد.
ان التجربة الثورية الشيعية هي تجربة مهمة جدا ، فأن الخروج الى الشارع و مواجهة رجال الشرطة الذين يعتقلون الآمنين من المواطنين على مختلف طوائفهم ، هو امر في غاية الأهمية .. وهو الحلّ الوحيد للخروج من هذه الفوضى الامنية و التي توهمنا الدولة بأنها تحاول ان تحقق الامن و السلام للمواطنين .. ولكن الحقيقة هي ان الاجهزة الامنية و المؤسسات الحكومية ليست حياديّة ، بل تم تأسيسها للحفاظ على الطبقة الحاكمة و عندما يحتدّ التناقض في المصالح بين الطبقة الكادحة و الطبقة الحاكمة يحتدّ الصراع و يبدوا دور هذه المؤسسات واضح للعيان في كونها مؤسسات متحيّزة في اداء دورها و هو الحفاظ على الطبقة الحاكمة على حساب الفقراء و الكادحين. لذا لم نرى من قبل استخدام الاسلحة الثقيلة الا ضد المواطنين الابرياء و هذه الاسلحة هي التي كلّفت الدولة مئات المليارات من ثروات و موارد هذا الشعب العظيم.  
هذا الصراع لا يمكن تقليصه الى مجرد صراع طائفي ، بل هو صراع طبقي بين الكادحين و المهمّشين و المضطهدين و بين من يسبب لهم الظلم و الاستغلال و الاضطهاد. و علينا ان نتعلّم من التجربة الشيعية الثورية و خصوصا في حركة المنسيين ، التي استطاعات ان تتخطّى كل العوائق الطائفية و الاحتجاج و المطالبة بأطلاق سراح السنّة و الشيعة المنسيين في السجون السياسية. يجب ان تتوسّع الحركة الحقوقيّة في المنطقة الشرقية و تنتشر من القطيف الى الاحساء و الى الرياض و الى الحجاز و الى الشمال و الجنوب و كلّ مكان ، لأن اختزال الاحتجاجات في القطيف قد يؤدي الى كارثة انسانية و نهاية للمسيرة الحقوقية في السعودية ، اما اذا توسّع الحراك الثوري الى كل مناطق المملكة فهذا سيعطينا فرصة اقوى للأنتصار ، و سيعطي الكادحين الفرصة لتحسين اوضاعهم و المطالبة بحقوقهم المادية و الاجتماعية و السياسية.
     
أننا نكتشف اكاذيب و الحكومة و اباطيلها في كل يوم و في كل حدث ، حيث يتم اعتقال اقرباء الابطال المناضلين في العوامية الذين يُعتقلون من دون وجه حق حتى يتم تسليم المطلوبين ، و هذا ابتزاز للمواطنين الشرفاء الذين يطالبون بحقوقهم و يطالبون بأطلاق سراح اخوانهم و رفاقهم، و هنا يتضّح لنا دور الاجهزة الامنيّة في حماية الطبقة الحاكمة. لذا على كل العمال و الموظفين ان يتضامنوا مع ابطال القطيف و العوامية ضد ديكتاتورية النظام ، و هنا يجب ان يشارك العمال في دعم الاحتجاجات عن طريق الاضراب عن العمل ، لأن العمل هو مصر الثروة ، فعندما يتوقف العامل عن العمل يتوقف الانتاج و تصبح الاجهزة الحكومية و الطبقة البرجوازية غير قادرة على الاستمرار في استغلالنا الا اذا تم تلبية مطالبنا و حصلنا على حقوقنا. و مع ذلك ، لا يكفي ان نضرب عن العمل ، بل يجب دعم الاحتجاجات و التضامن مع المتظاهرين في المنطقة الشرقية و مواجهة النظام بطريقة مباشرة و هذا يضعنا امام اهمية التنظيم. لان الحكومة منظمّة بمؤسساتها الاكاديمية و اجهزتها الامنية و اعلامها الحكومي المجهّز بالعقول و الامكانيات و العتاد الكافي للحفاظ على نظام الحكم ، لذا .. فأن على الحركة الثورية في القطيف و العوامية ان تواجه الدولة بطريقة منظمّة و ليس عن طريق اعتراضات فردية او عشوائية ، بل عن طريق تنظيمات تعمم التجربة النضالية لدى المضطهدين ، و يحافظ التنظيم على ذاكرة المناضلين و يتحدى الاعلام الحكومي بكل اكاذيبه و يدعون الى تحركات جدية ضد النظام الذي يضطهد المرأة و الشيعة و الفقراء و العمال ، لن تستطيع ان تتخلص من هذه الاغلال الا عبر التنظيم و الحركة الجماهيرية.    

السبت، 1 أكتوبر 2011

العهر في المجتمع الرأسمالي !





ان ضعف الايدلوجية الليبرالية في التعاطي مع حقوق المرأة يظهر جلياً في الخلط بين الحرية الجنسية للرجل في ان يصبح له اكثر من عشيقة ، و العاهرة المضطرة لممارسة الجنس للتكسّب!عندما نخلط بين التعدد الجنسي بين الجنسين و بين اللهو في متاجر العهر  - هو مثل الخلط بين الزواج و الاغتصاب!! بأختصار: العلاقة الغرامية تختلف كلياً عن العهر ، و الاغتصاب يختلف كلياً عن العلاقة الغرامية!


 ولن تتخلّص المرأة من اغلال عبوديّة تجّار العهر الا عن طريق الثورة على نُظم الاستغلال , الحقبة الثورية لا تحدث من تلقاء نفسها  ، بل يجب على الثوّار تهيئة الظروف الثورية! لا نستطيع تغيير النظام بصورة فردية عن طريق منبر او قلم واحد ، كما هو واضح في محاولات الليبراليين البائسة ، بل يجب علينا ان نسعى للاعتراض بطريقة جماعية! لأن السلطات تستطيع ان تقبض على شخص واحد ، لكن لن تستطيع ان تقبض على الملايين ، تستطيع السلطات ان ترفض مطالب شخص واحد لكن لا تستطيع ان تهمّش مطالب الملايين في الحركة الجماهيرية!!! وهذا ما حدث في ارامكو في الخمسينات ، عندما القوا القبض على ناصر السعيد مع مجموعة من العمال ، مالذي حدث حينها؟ حصلت اضرابات شاملة ، و اضطرت السلطات ان تُخرج كل المعتقلين و تحسّن من ظروف العمال و الاجور و المساكن – ولم تنحصر الحركة العمالية في المطالب المادية ، بل تحوّل الصراع الاقتصادي الى صراع سياسي ، فتم المطالبة ايضاً بتعليم المرأة و بأنشاء برلمان يمثّل الطبقة الكادحة.  فقبل الحديث عن ما يمكن و مالا يمكن فعله في ظل الحقبة الحالية يجب احترام الناس و فهم ظروفهم و احتياجاتهم ، وهذا الذي يعجز عن فهمه بعض المثقفين الليبراليين في اطروحاتهم النخبوية التي تنطلق من الفكرة بمعزل عن تاريخ المضطهدين و المهمشين في مجتمعنا. و ايضاً يجب فهم الاشكالية من الناحية العالميّة ، الاستغلال و التسلّط و الاحتلال و تجارة العهر هي اشكاليات عالمية ! فالعاهرات الروسيات و الاوربيات و الاسيويات في الشرق الاوسط يتمّ المتاجرة بهم من قبل متاجر يمتلكها رجال اثرياء ! فلا ترى ابنة وزير تمارس العهر و التكسّب في حي فقير من احياء المدن ، لان المسالة لها علاقة بوضع المرأة بالمجتمع الطبقي! وقد تُقابل عاهرة تتقاضى اضعاف عاهرة اخرى ، و هذا لا يعني بأن العاهرة الاثرى هي غير مستغلّة !! بل ان العاهرة الثريّة مستغلّة ، وهذا يذكرني بوضع الاداريين بالمجتمع الطبقي ، الاداريين مستغلين من قبل الطبقة الحاكمة و من قبل الطبقة البرجوازية ، الا انهم لا يعتبرون من الطبقة الكادحة ، ولا يمتلكون الدوافع الحقيقيّة للتغيير ، بل ان الاداريين يحاولون ان يحافظوا على مكانتهم الاقتصادية مثلهم مثل كل الطبقات الاخرى ، وهذا ما يميّز الطبقة الكادحة عن الطبقات الاخرى ، فعلى سبيل المثال .. البدو يريدونها ان ترجع على السيف و الناقة ، و الفلاحون يريدونها ان ترجع لأيام سلطة الاقطاع ، الا ان الطبقة الكادحة هي الطبقة الوحيدة التي تستطيع قيادة المجتمع الى التغيير الكلي و ليس عن طريق الحفاظ على مكانتها الحالية. لأن العامل يعتبر مستغلّ ، يعمل ساعات طويلة ، و لا يملك القرار في ادارة العمل ، و لا يتقاضى حقوقه كامله ، مالذي يحدد الوضع الطبقي؟! ليس المرتب فقط من يحدد انك كادح او لا ، بل ايضا هل تستطيع ان تحدد ظروفك العملية؟ هل تستطيع ان تحسّن ظروفك المادية بسهولة؟؟ لان الكادحين لا يستطيعون تغيير ظروفهم الا عن طريق الصراع ضد الاداريين و الملاّك! بينما الاداريين و البرجوازيين يحصلون على الاموال و الزيادات بسهولة عن طريق بروتوكولات اعتيادية ، فظروفهم مختلفة عن ظروف الكادحين! فلو عدنا الى نظرية فائض القيمة لوجدنا بأن العامل يبيع قوة العمل على ربّ العمل ليتقاضى اجر يومين بالاسبوع لكنه يعمل 5 ايام بالاسبوع! ينتج العامل 10 الاف جنيه لكن لا يحصل الا على 4 الاف بالشهر ، مع ان مرتبات الاداريين تصل الى 30 ضعف مرتب الفرد


لماذا؟؟ لان هناك طبقة راسمالية من البشاوات الذين لا يعملون لكن يقبضون حق الجميع ، وهذه هي فكرة الاستلاب! الاعتراض ليس فقط ضد الاستلاب ، استلاب الثروة و استلاب القرار ، بل ايضا هو اعتراض ضد الاغتراب الذي يعاني منه العامل! يخرج الموظف من العمل و يجد نفسه معزول و منفي عن القرار و السلطة ، بل ان السوق الرأسمالي ما هو الا انعكاس العمل الجماعي في الانتاج و مع ذلك يُعتبر العامل خاضع لقوانين الاسواق! في ظلّ عشوائيّة السوق يتم تسويق و تسليع الكثير من المنتجات من اجل الربح فقط و من دون النظر الى الحاجة ، و تجارة العهر تخضع لقانون التسليع ، من المستفيد هنا ؟! يُقال لنا بأننا نملك حرية الاختيار ، كما يزعم الليبراليين الذين يؤمنون بتكافئ الفرص في النظام الراسمالي ، و ايضا  يُقال لنا بأننا ندير حياتنا بأرادتنا ، ونعيش برفاهية نسبيّة ، لكن المستفيد الحقيقي من استغلالنا هو من يدير حياتنا !

من يدير حياتنا هم الطبقة الراسمالية التي لا تنطبق عليها نفس القوانين التي تنطبق علينا ، بل ان هيئة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و الجيش و الشرطة و القضاء و القانون - كل هذه المؤسسات تستهدفنا! في النهاية يجني الراسمالين ثمار المشكلة الانسانية التي نعاني منها و تعاني كذلك العاهرة منها: الارباح هي ثمار الاستغلال!



أن سياسات الدول الراسمالية انتهجت اسوأ الحلول في التعامل مع تجارة العهر ، الحلّ الاول هو تجاهل القضية و اعتبارها بأنها غير موجودة ، و هو اسلوب مثالي في التعاطي مع الازمات ، فالطبقة الحاكمة عاشت سنوات طويلة تروّج للطبقة الكادحة عبر وسائل الاعلام بأن الفقر و البطالة و العهر هي امور غير موجودة في وطننا الغالي. و هنا يتمّ تجاهل المشكلة و تجاهل الحلّ لهذه المشكلة ، بل ان الطبقة الحاكمة تُحمّل المجتمع المسؤلية ، و كيف يتحمل المجتمع المسؤلية و هو منفي و مهمّش عن اتخاذ اي قرار سياسي؟! الحلّ الآخر هو تجريم و ملاحقة العاهرات و هنا يفتح المجال الى تجّار العهر السري ، و هنا لا تستطيع العاهرة ان تحمي نفسها قانونيا لأنها غير معترف فيها بل القانون يجرّم عملها ، فأذا قُتلت العاهرة الفقيرة لا احد يسأل عن القاتل او يحقق في الموضوع و كأنما هي ليست جزء من البشرية ، بل تدعم سياسة تجريم العهر نظرة احتقارية و دونيّة للمرأة بشكل عام ، و محاولات خلق ثقافة الشكّ و الريبة من اي امرأة ، و هذه السياسة تُستخدم حتى مع الاقليات و الطوائف الدينية المختلفة في السعوديّة. فيتم التشكيك بمواطنة الشيعة ، و كل ذلك يحدث بهدف تفكيك المجتمع و اثارة نزعة التنافر بين الجنسين و الطائفتين كي يتمّ التحكّم و السيطرة على المجتمع بشكل اسهل و اضعاف اي محاولة للتنظيم او لخلق بديل للنظام الحالي. أن تجربة بنت القطيف هي تجربة بالغة الاهميّة في فضح النظام الطائفي و العنصري ، فهو يحاكم امرأة أُغتصبت بتهمة الخلوة الشرعيّة ، و يالها من تهمة ، بل هي محاولة تعزيز الرعب و الذعر في نفوس النساء من الحرية و الاستقلالية ، و هو ايضا يكشف لنا مدى طائفيّة الدولة و استبدادها ضد الجنس الآخر.


في الختام ، العهر ليس اقدم مهنة في التاريخ ، فلقد كان الانسان البدائي منهمك في مهن اخرى ، مثل الصيد و جمع الحطب ، لكن بعض المؤرخين يمارسون التزوير و الترويج لأكاذيب تجلب الاثارة للرجل الحاكم الذي يمارس العهر السياسي و الاقتصادي على مدى عقود طويلة. أيضا العهر مختلف تماما عن الحرية الجنسيّة ، و الخلط بينهما هو ظلم للمرأة ، بل أن العهر لا يحدث بسبب رغبة عارمة لممارسة التكسّب الجنسي ، بل هي نتاج اغتراب المرأة في المجتمع الطبقي و تسليعها على يد ارباب العهر ، فالحريّة بالنسبة للمرأة هي ان تعمل و تنتج و تشارك في بناء المجتمع لا ان تعيش في رعب دائم بين تجار العهر و ملاحقة السلطات. لن تجد المرأة نفسها الا في ظل الحركة الجماهيرية و المطالبة بالحقوق ، فلقد اصبحت المرأة اليوم اكثر وعياً من السابق ، و شاركت في عدة مظاهرات سواء كانت مظاهرات في وزارة الداخلية او امام وزارة التعليم او في جامعة الاميرة نورة او في المنطقة الشرقية. المرأة اليوم اكتسبت خبرة نضالية يجب ان نستفيد منها و ان نشجّعها و ان نتضامن معها ،  ولن نستفيد من التسويق لأفكار خارج عن تجربتها التاريخيّة.