الثلاثاء، 16 أغسطس 2011

شبح الموت في القرن الواحد و عشرين - اهداء الى هديل الحضيف







المشهد الاول: غيبوبة

هَمَسَت الى الاجهزة ، همست متهكمة: عندما اصحوا سأتغلب على الغيبوبة الحقيقية!
غيبوبة الادعية التقليدية!!
غيبوبة المصطلحات المكررة .. والسخافات الاجتماعية!
انتم ياسادة ... ضحية غيبوبة !
فلا بكائكم ينفعني ، ولا ادعيتكم تنقذني ، ولا يقضتكم تفيدني!
فبحق الالهة ... من منا في غيبوبة!؟

_______________________


المشهد الثاني: اضراب عزرائيل عن العمل!
الملائكة بين التفكير والروتين ...
ينحني عزرائيل في لحظة انكسار ، ويتامل البشرية في ذهول!
فيباغته جبريل من الخلف: زوزو! ماذا تنتظر؟؟
عزرائيل: جوجو .. انا ملَك لا آلة من آلاتك ، عليّ ان اتأمل اوضاعي المعيشيّة في المجتمع الراسمالي!!
جبريل: تأخرنا ، الى متى ننتظر؟ فـ البيق بوص ينتظرنا ، يجب ان نأخذ روحها و نغادر!
عزرائيل: امنحني الوقت للصلاة على روحها ، وامنحها الوقت للأستفاقة ، فمن يدري يا جوجو .. ربما تستيقض بعد لحظات!
جبريل: فعلاً انك متخلف يا زوزو ... دع الصلاة بعد ان تأخذ روحها ، مالذي يحدث؟! الا تعمل بأمر ربك كحال الملائكة!
عزرائيل: من المفترض ان اعمل بلا تردد ، ولكن عندما اتقاضى مرتب اقل من المعدل القانوني .. هنا علي ان افكر!
من حق الملائكة مسائلة الرب ، كمسائلة أي عامل آخر لـ ارباب العمل!
جبريل: عليك اللعنة يازوزو ، اصبحت ماركسي بين ليلة وضحاها!؟ ماهي فكرتك القادمة ، ان تثور كما ثار ابليس مثلاً؟؟؟
عزرائيل: يجب ان نثور ، لا كـ ثورة ابليس الخياليّة التي لم يشهد على وجودها الا قلّة من العميان و الطرشان ،
انما يجب ان نثور على نُظمْ الاستغلال و طبائع الاستعباد!
جبريل: اها ، فماهو مشروعك؟!
عزرائيل: مشروعي .. ببساطة: استرداد القوة والمال والسلطة من الطبقة العليا الى مستحقيها من الطبقة السفلى!
ومن هنا اطرح سؤالاً مهماً: متى ستمتلك عملك ياجوجو ، الى متى ستظل مستسلم تحت هذا النظام !
جبريل: الا الحكومة يازوزو .. الا الحكومة!! بالنسبة لي ، المسألة لها علاقة بالواقعية البحتة ...
انا لا اؤمن الا بفكرة واحدة: ان افعل مايجب علي فعله!
فقل لي يا زوزو .. هل ستأخذ روحها ، ام ستنتظرني اتخّذ الاجرائات اللازمة و أُكمل الشفت المسائي لوحدي
عزرائيل: اي عمل ، واي واقع! لم نتلقى اوامر الهية منذ 200 عام ، انسيت بان "الله مات" على يد تلك الفلسفة الكارثيّة!!
جبريل: اللعنة على الذاكرة ، لم انسى .. كيف فضحنا ذلك المفكر الخطير!
بعد ان سمعت تلك المقولة قررت فضخ راسه ببعض الكتب من مكتبته .. حينها فقد الوعي ، ثم اُصيب بالجنون ، اتذكر ذلك!؟*
عزرائيل: اذكر اذكر ياجوجو ... كنا حيّالة في ذاك الزمن الغابر! المْ تستغرب بأن الاله لم يجن حينها ، ام تتوقع انه تعود على ذلك؟!
جبريل: الا الحكومة يا زوزو ... والا سأستدعي ملائكة التشفير للقضاء على فلسفاتك ايها اللعين!
عزرائيل: لا تخف ياجوجو ، ايمانك مجرد انعكاس لاضطراباتك النفسية التي هي نتاج هذه العلاقات الاجتماعية المستبدة بين الارباب و العبيد. فهو نظام يخلق الرفاهية لمن هم بالاعلى و يخلق الفقر و المرض و القهر لمن هم بالاسفل!
صدقني ياجبريل .. بأن كل اعمالنا مبنية على تخمينات الهيّة ، تلك الاوهام لا يمكن ان نرفضها بشكل مباشر ، بل يجب ان نرفض الاستبداد الذي يفرز مجتمعاً قائما على الوهم و الخرافة!
نحن في الواقع لانختلف كثيرا عن البشر ، نخمن ، ونعمل .. بلا ادلة او ادنى برهان لادراك ما خلف الوجود من اسباب علميّة و عقليّة!
جبريل: صدقني يازوزو .. انا متفهم لأفكارك النيّرة ، لكن هذه المخلوقة كُتب عليها الموت ، ويجب ان تموت!
فأما ان تأخذ روحها ، او ان تحضر مأتمها؟؟
عزرائيل: لن افعلها ، بل سأشن حملة على الطغاة من الطبقة المتسلطة ... الذين سلطوا الموت بلا سبب ، بلا فهم ، بلا ادنى وعي!!
ومن هذه المخلوقة سأبدأ ...
اضراب شامل!
اضرااااااااااااااااب!!
اضرااااااااااااااااااااااااااب!!!
خرجت روحها على صدى صرخات عزرائيل الثائر!
المضرب عن الهراء ، واللامنطق ، والاستغلال ، والاستبداد!!
ثم وضع لافتة على قبر الشهيدة:
( عزرائيل يثور اذاً عزرائيل موجود )

_____________
* الحديث هنا عن نيتشه ، مع العلم بأن "الله مات" هو مصطلح موجود قبل نيتشه!




الفصل الثالث: الجنازة


اقبل ابن موسى راقصاً على قبور الاولياء ،
صافح ابو المرحومة وقال: محظوظة ابنتك يامولانا!
قال (الاب) - ابو المرحومة - : عفواً ؟!
ابن موسى: محظوظة ابنة معاليكم يامولانا ...
فلا تحتاج ان تبحث عن عمل!
ولا تحتاج ان تدرس ،
ولا تحتاج ان تتزوج!
الخلاصة: ابنتكم حرة من كل القيود
الاب: آآآخ يا ابني آآآخ ....
لو ان الله حرر روحك بدلا من تحرير ابنتنا ، لاصبحت فعلا محظوظاً
ابن موسى: هل انت مجنون يامولانا!!!!!
انا اتمنى الموت ....... الم تتسائل لما المقبرة مسوّرة؟؟؟
لاني اموت شوقاً للدخول فيها
الاب: حتى انا يا ابني ، اتمنى ان اموت كما مات ابي السائق ...
ابن موسى: كيف مات ابوك؟؟؟
الاب: ابي السائق .. مات في هدوء و سكينة ، على عكس الركّاب - في الخلف - الذين ماتوا هلعا وفزعاً بعد الحادث!!
ابن موسى: اذاً ابوك هو الذي كتب عنه جرهام قصيدته المشهورة:
Theres been an accedent they said
your servant's cut in half , he's dead
'indeed' said mr jones, 'and please
send me the half that got me keys
الاب: في التراث العربي يا ابني ... كانوا ابائنا واجدادنا العظماء ينامون في الطريق ،
و يثملون في الطريق .. و يموتون في الطريق ، وكل شيء يحدث في الطريق!!
ابن موسى: اهاااا .... اذاً ابوك هو السيد قطب!
اليس هو من الّف: معالم في الطريق؟؟
الاب: لا !!! لا يا ابني الاحمق ههه
ابن موسى ينظر الى احد القبور ويقول: مرة من المرات بكيت هنا ، اتعرف لماذا؟
الاب: لماذا؟؟؟؟؟؟
ابن موسى: كنت ابكي واقول - لماذا مت ايها الاحمق ، لماذا مت ايها الاخرق!؟
فسالني احدهم في المقبرة .. "اتبكي قريب لك ام صديق؟؟؟؟
اجبته قائلا - ابكي بوي فرند عشيقتي الاسبق يا ابني!!!! لماذا ورطني اللعين
الاب: يبدوا لي بان زياراتك الى المقبرة تعتبر اليمة يا ابني؟!
ابن موسى: قلت لك يا مولانا .. بأن ابنتكم محظوووووظة! محظووووظة!!!
على فكرة ، هل تخاف الموت؟؟
الاب: داااااائما .. لكن قل لي يا ابني هل تتذكر شعورك اثناء الولادة!؟
ابن موسى: كل ما اتذكر بأني انبثقت من فرج والدتي بأعجوبة ،
لم يكن الدكتور مبسوطا من مراوغتي .. على ما اعتقد بأني بصقت في وجه الدكتور كنوع من الداعبة
المداعبات الكلاسيكية تفتقر للكوميديا يامولانا ، بل تميل الى الغزل او الشذوذ!
لكن لا تخف ، لم يحدث شيء بيني وبين الدكتور ، بل كنت اتسلى في حضن امي!
ماعدا ذلك ... لا اتذكر شيء!!!
الاب: ذكرياتك اليمة ، لكن قل لي: متى سترجع الى الله؟ فالموت حق .... الا تخشى النهايات!
ابن موسى: يامولانا انا لا اقلل من شأن الموت ، بل على العكس ... انا اقدّر الموت!
وهناك معزة خاصة بيننا ، لكنه قال لي بانه ستريت ، واسعدني سماع ذلك
الاب: كيف؟ اي معزة بينك وبين الموت؟!
ابن موسى: في حين ان كل المؤسسات الدولية تفرض تكاليف باهضة لتوصيل منتجاتها وبضائعها وخدماتها ...
بينما الموت يصل الى بيتك ، وانت في سريرك ، بلا اي تكلفة!
اعشق التخفيضات يامولانا .. اعشق التخفيضااات!!!
الاب: فعلاً .. الا ترى فضل الله في ذلك؟
ابن موسى: لا ، بل على العكس!
البضاعة لاتصل في الوقت المتفق عليه ، اعني ان الموت يأخذ زمناً طويلا الى درجة اني انسى البضاعة!
اعني: انسى الموت!!
ااااخ يامولانا .. لو في طريقة ان ادفع تكاليف التوصيل كي يعجلوا بالخدمة!
هل تتوقع ان الرشوة مقابل الموت هي فكرة ممكنة؟!
الاب: رشوة من يا ابني؟!
ابن موسى: ان نرشي كل من هم بالابستيرز يامولانا
الاب: حاشا لله يا ابني ، انتبه ... فالموت حق!
ابن موسى: الموت حق يامولانا ،
والبترول حق!
والحرب والجنس والكيرم والشطرنج كلها حقوق بشرية ورطنا الاله بها يامولانا!
الاب يشعر بالاسى ، فهو فعلا مضطرب ، لايفهم مالذي يحدث ، بل لم يستوعب مفهوم الموت ...
قرر ان ينظر الى ابنته المرحومة بأسى ، والتفت على ابن موسى وقال: الا تتأمل ابنتي ...
وتخشع!
وتسجد لله يا ابني؟!
انظر الى النور في وجهها .. هذا نور الايمان!
ابن موسى: بل هذا نور الشمس الساطع على جبينها ،
لا ادري لما اشعة الشمس دائما مسلطة على المؤمنين ،
مع ان الكوارث الطبيعية مسلطة على المؤمنين ايضا ...
فعلا شي عجيب يا مولانا!
الاب: انتبه يا ابني ، فلربما كلمة واحدة اسقطتك في جهنم الى الابد ...
فلا ادري ما مصيرك بعد هذا الكم الكارثي من الكلمات!؟
ابن موسى: اجل ما مصير من الف قاموس من الشتائم ،
لايهم لايهم!!! سؤال الى معاليكم: هل تعلم ماذا قالت احد الموسويات عندما زارها ملك الموت (زوزو) ؟
الاب: ماذا قالت؟
ابن موسى: لم اكن اعرف ان زوزوا بهذا المستوى من الدمامة!؟
لا لا امزح معاك ، من جدك يامولانا ... النساء يعشقون اي شي فمابالك بـ زوزو
هل تتوقع لو عملنا مسابقة على مستوى الاقبح .. ان افوز انا ام انت ام زوزو؟
الاب: دعنا من هذا ، بل اصدقني القول يا ابني ... ماذا قالت الموسوية عند حضرة ملك الموت عزرائيل؟
ابن موسى: قالت - هل هذا كل ماعندك ،
وختمت حياتها بضحكة .. هههه
الاب: يبدوا بأنها لم تسمع رد عزرائيل ...
ابن موسى: ماذا سيكون رد زوزو ... اتوقع ان يرد قائلا: "فمثلك حبلى قد طرقت و مرضعا ،،، الهيتها عن ذي تمائم مغيلِ"
الاب: كفاك ثرثرة يا ابني ، دعني اقبل ابنتي في هدوء!
ابن موسى: الجثة من املاكك .. تقبلها او تنام معها ، شي راجع لك يا مولانا
يمكن هالقبلة تدخلك الجنة ، مع ان تقبيل الاموات بدعة ؟!
مارايك في تخميناتي؟
الاب: دخلت الفقه من اوسع ابوابه يا ابني!
ابن موسى: لا اعلم عن ابواب الفقه ، احترفت غسيل الصحون لم اصبح بوابا بعد؟!
لكن هل تعلم بان تقبيل الموتى هو كتقبيل قطعة بلاستك ، قبلة فارغة الى جسد فارغ!!
الاب: فعلا يا ابني ، فالنصلي عليها اذاُ ، لعل الله يغفر لها ذنوبها ويسكنها في فسيح جناته!
ابن موسى: هل نصلي على قطعة بلاستك؟!
الاب: لم يسلم احد من بذاءة لسانك يا ابني!

انتهى اللقاء بعد ان ودع ابو المرحومة الحضور ، بينما ابن موسى يودع الجميع قائلا: صباح الخير في الليل!
والكل يجزم بجنون ابن موسى ، لكن ابن موسى يجزم بجنون الحضور!!!
وخرج من المقبرة راقصا على قبور الاولياء ، ساخرا من جثث الاموات والاحياء!

_________________________________




الفصل الرابع: مشهد العزاء !


من المثير ان معظم المعزين هم من اصحاب الاوزان الثقيلة ،
وهذا الوصف ليس اطراءً بقدر ماهو مشكلة بدنية يعاني منها سكان العالم الاول والثاني والعاشر!!
ولكن هذا لايمنع من ان السادة الكرام من المعزين ، بذلوا مجهود عظيم للوصول الى صدر المجلس ومصافحة والد المرحومة!
والد المرحومة: تفضلوا تفضلوا!
ابن موسى: اخر الاحزان يامولانا ، واتمنى ان تنتهي هذه السلسلة من الخسائر الوخيمة .. فتكاليف العزيات باهضة يامولانا!!
ابو خالد: احسن الله عزائك ، وآمل ان تكون من تعداد الفردوسيين ، يعني: high high
ابن موسى: محشش يا بوخالد؟؟ وين هاي هاي!!
جنة مو عمارة .. جنة مو زقارة!!
ابو المرحومة: تفضلوا .. تفضلوا!!
وهمس في نفسه قائلا: "اخرسكم الله الى الابد يامعشر الموسويين"!
*****
كلن اخذ موقعه ، فتفننوا المعزين في اختيار المواقع الاستراتيجية في المجلس!
ابن موسى جلس بالقرب من التمر ، و ابوخالد اختار صدر المجلس بالقرب من والد المرحومة
وشخص اخر جلس بالقرب من الباب ، كي ينفذ بجلده عندما تكون الثرثرة مملة كالمعتاد!
قال ابن موسى في افتتاحية العزا: يقال بأن الموت مثل الجنس!!
والد المرحومة: كيف؟ مالعبرة من هذه المقولة؟
ابوخالد: ربما لان كلاهما اعمال قاتلة يا بن موسى ،
مع ان الفرق بينهما هو ان الميت لايشعر بأنه عبارة عن بيتزا كما يحدث مع انتهاء اي عملية جنسية!
ابن موسى: خخخ ... اتدري مالمشكلة؟
والد المرحومة: مالمشكلة؟؟
ابن موسى: المشكلة هي ان الميت لا يملك اي نظرة نقدية للوجود او الموت او العدم!!
مع ان النقد الجنسي قد يكون اليم او عقيم!!!
ابوخالد: فعلا انا معك ، يعني كيف تتطور الروح البشرية وهي لاتنتقد نفسها ولا تنتقد محيطها؟!
ابن موسى: لان الروح ياسادة متخلفة!! انتاجات بضائع فاسدة - الروح  والبدن والمخلوقات الاخرى كلها اوت اوف ديت!!
والد المرحومة: لحظة يا جماعة ، الى الآن لم افهم اوجه الشبه بين الموت والجنس؟؟؟
ابوخالد: ربما الظروف!
ابن موسى: فعلا ، فظروف الموت وظروف الجنس متشابهه .. فكلاهما يعتبر فاتورة خرافية .. يكون فيها الدفع شبه استحالة!
والد المرحومة: يوجد اختلافات ايضا ، اختلافات كثيرة!!
ابوخالد: مثل ماذا يا سيدنا؟
والد المرحومة: مثل الخوف!!
ابن موسى: لاااا ، بل الموت سهل!! كالجنس تماما ، انما الحياة هي التي تجعلنا نموت من الخوف!!
ابوخالد: معك حق يا ابن موسى ، ولكن كيف نستطيع ان نتفادى الخوف من الموت!
ابن موسى: الحل الوحيد هو اضراب الكتاب عن الكتابة ، واضراب الصحف عن النشر!!
حينها يكون الخوف من الموت استحالة!!
والد المرحومة: الاخبار العزرائيلية هي اخبار كئيبة اكثر من كونها مرعبة!
الموت كئيب ياسادة ، جدا كئيب!!
ابوخالد: كلامك غير دقيق ياصاحبي ، لان البعض اتمنى رحيلة بفارغ الصبر!
بعض البشر حياتهم عبارة عن "غثاثة" اكثر من كونها حياة!!
ابن موسى: الناس يتفننون في النواح ، ويبحثون عن العزيات اكثر من بحثهم عن المهرجانات
والخلاصة هي ان معشر العاطفيين يعتبرون كارثة دنيوية ، يجب ان نجد لها حلاً!
والد المرحومة: العاطفة هي مصيرنا البائس و شقائنا المحتم!!
ابوخالد: ليس صحيحا ، انسيت ان اخر كلمات المرحومة - "لاتخف فأن تقرير موتي هو مجرد مبالغة!"
ابن موسى: اعجبتني كلمات المرحومة ، وانا متأكد من انها على استعداد لمقابلة الخالق ،
لكن هل الخالق على استعداد لمقابلتها؟!
والد المرحومة: دع الخلق للخالق يا فتى!
ابن موسى: مالخلق منحناه للخالق منذ زمن ، لكن اين النتيجة؟! فثقب الخالق يستمر في الاتساع!!!
والد المرحومة: اتعني ثقب الاوزون ايها اللعين؟!
ابوخالد: سخرية ملحد اكثر طرافة من سخرية الف مؤمن !!!!
ابن موسى: السخرية ليست الآن ياقوم ، بل عند مقابلة اعيان المجتمع امثال:
مستر جيمسون ، مستر وايت اند مكيه ، والدكتور تلسكير ، ومستر جوني ولكر ، وبالطبع سيكون السيد شيفاز من اول المدعوين!
وستنحتفل و نسخر من العاطفيين عن طريق الميتنقز (المقابلات)!
والد المرحومة: الخوف ليس من مقابلة اعيان المجتمع ، بل الخوف هو من مقابلة مستر اوفر في صباح الغد!!
ابوخالد: معكما حق يارفاق ، فمستر اوفر عليه خبطات صحوية اليمة ، اليس هو الملقب بزعيم الصحويين؟!
ابن موسى: خخخخ ...
والد المرحومة يدعوا الحضور على وليمة العشاء: تفضلوا ياضيوف! تفضلوا ...
****
همس الصغير خالد مخاطبا والده قائلا: والدي ... لمً استمتع في العزاء اكثر من استمتاعي في الاعراس؟؟؟
ابوخالد: لأن العشيرة لاتجيد الاحتفالات يا بني!
خالد: لأن الوجبات في العزا اكثر من الوجبات في العرس ، ففي العرس الخبطة واحدة ، بينما في العزا عدة خبطات!
ابوخالد: كل السياسيين اليوم يمتلكون شحوم استثنائية ياولدي ، هذا ماكتسبناه من القادة العظماء ،
مارس الافتراس يا ابني .. فانتصاراتنا لا تتعدا هذه المائدة!!!!
خالد: حاضر يا ابي!!
*****
بعد انتهاء الوليمة ، صارح والد المرحومة الحضور قائلا:
ان موت امرأة عبارة عن تراجيديا ، لكن موت مليون شخص هو مجرد احصاء!
ابن موسى: هذا فكر ستاليني يامولانا ، خطأ بالحساب وبالفكر وبالمنطق!!
ابوخالد: انا اعتقد ان الموت خالي من التراجيديا ، الا تشعر بتأفف روح ابنتك من المعزين الراديكاليين؟!
والد المرحومة: كيف؟؟؟
ابوخالد: الروح خفيفة ، وتعازي المعزين ثقيلة من كل النواحي - خصوصا من حيث الدم!!
فلا يوجد اثقل من التعزية الراديكالية ، فهي ترعب الروح و تجهد البدن!
ابن موسى: فعلا ، فلا احسب المرحومة سعيدة بهذا العزا! عزا ممل يا مولانا ممل!!!!
والد المرحومة: ان رداءة اسلوب المعزين ، وتكرارهم يصيبنا بالملل جميعا ، انا و انتم والمرحومة!
ابوخالد: لا تحزن يا صاحبي ، فعلى الاقل ان ابنتكم مشهورة!!
والد المرحومة: كيف؟؟
ابوخالد: الا تعلم بأن اسرع طريقة الى الشهرة هي عن طريق كفن!!
والد المرحومة: ماذا تعني؟؟ عن طريق الموت تتحقق الشهرة!؟
ابوخالد: بالضبط ، معك حق ... واكبر دليل ان معظم القادة العظماء لولا الموت والا لما اشتهروا!
واكبر مثال على ذلك: نيلسون ، قائد معركة طرف الاغر ، نسونجي ظريف مات واشتهر بطريقة اكثر ظرافة من المعتاد!
ابن موسى: دائما اتسائل عن شجاعة البشر في مقابلة الموت هل هي من نتاج الجهل الممزوج بالفهاوة مع القليل من التناحة!؟
ام لأن معشر الشجعان لم يجربوا الموت الا عن طريق الاذن و العين والفم والحنجرة؟؟؟
والد المرحومة: عند الامريكان مثل بديع ...
قاطعه ابوخالد: انا وابن موسى مقاطعين للمنتجات الامريكية - خصوصا من حيث الفكر والانبذة ماعدا ذلك لايوجد مقاطعة حقيقية!
والد المرحومة: ها ها هااااه ... حسناَ! يوجد مثل مجهول الهوية - ان لم تحن ساعة موتك فلن تموت ، حتى ولو على يد طبيب!
ابن موسى: الموت على يد طبيب امر محتم في وطني الحبيب!
ولا يوجد فرق كبير بين المحاماة والطب ، فكلاهما عبارة عن افلاس!!
لكن الفرق بينهما هو ان الطبيب يسرق اموالك و يقتلك ، بينما المحامي يكتفي بتفليسك!!!
والد المرحومة: اعتقد ان الطب هو المسؤل الاول ، اتعلمون ياسادة من المسؤل عن الموت؟؟
ابوخالد: خادم الحرمين؟؟؟
والد المرحومة: لا ايها الابله ... فخادم الحرمين مشغول في تلميع الحجر الاسود!!
ابن موسى: اذاَ من المسؤل عن وفاة المرحومة؟؟
والد المرحومة: قسم الولادة في المسشتفى العسكري هو السبب!!!!
ابوخالد: بالفعل ، اللعنة على قسم الولادة!!!
ابن موسى: قسم الولادة قسم عميل للقوات العزرائيلية!!!
والد المرحومة: ها ها هااااه ...
بالمناسبة اين سيكون لقائنا الليلة؟؟؟
ابن موسى: مع اعيان المجتمع؟؟؟
ابوخالد: اكيد يا بن موسى!
ابن موسى: اقترح ان يكون لقائنا في حي: ميرلوا ، في مزرعة: بنت نور ، بحضرة الرفيق شيراز!!
****
وهكذا اختفوا الضيوف بالتدريج ...
______________________
* "الجنس مثل الموت": القاءل هو الساخر المشهور - Wooy Allen
** اوت اوف ديت: منتهي صلاحيته!
*** الموت سهل الحياة هي التي تجعلني اموت من الخوف - القائل: Annie Lennox
**** العزرائيلية: نسبة الى عزرائيل!
***** "لاتخف فأن تقرير موتي هو مجرد مبالغة!" - القائل: مارك تواين!
****** "انا على استعداد لمقابلة الخالق ، لكن هل الخالق على استعداد لمقابلتي" - تشرتشل!
******* "مستر جيمسون ، مستر وايت اند مكيه ، والدكتور تلسكير ، ومستر جوني ولكر" اصناف الوسكي!
******** مستر اوفر: Hang over
********* حي: "ميرلوا" ، في مزرعة: "بنت نور" ، بحضرة الرفيق "شيراز!!" - انواع الواينات!





المشهد الاخير


بعد مرور عام على وفاة المرحومة ....
جبريل: زوزو ، اما زلت حياَ؟؟
عزرائيل: لايهمني متى واين سأموت ، لكن كل ما يهمني هو ان ارى الملائكة الثوار منتصبين
.. كي لا ينام الابستيريين على البؤساء والمقموعين من الموتى الابرياء!
جبريل: برافو! برافوا! لكن بحق الالهه قل لي مالعمل الآن؟؟ لأن معظم الملائكة تخلوا عن الاضراب بعد رشوة بسيطة مني!
عزرائيل: جميل يا جوجو جميل .. ماذا يتوقع العمال الملائكيين من السلطة غير الخداع و التضليل و الاستغلال!
جبريل: زوزو .. مازلت تعيش مثالياتك القديمة ، كل شي تغير اليوم ، الكذب اصبح مباحا ،
والاستغلال اصبح نظرية اما الرشوة فهي تكتيك ، والتضليل اصبح نظاماً سياسياً ، في اي زمن تعيش يا زوزو!؟
عزرائيل: في زمن انقلاب السلطة ، في زمن لا يعترف بالموتى او الموت ، في زمن الحياة!
في سنة لم تستطيع انت ورفاقك النخبويين السيطرة على الحياة ، القوة هي ما في الارض والخرافة هي ماوراء السماء!

THE END

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق